في مشهد مهيب أبهرت مصر العالم.. تم افتتاح المتحف المصرى الكبير، أكبر متحف مخصص لحضارة واحدة في التاريخ، ليكون تتويجًا لرحلة طويلة من العمل امتدت لسنوات.
المتحف الذي يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، كلها مملوكة لمصر، يمثل أيقونة الجمهورية الجديدة. لم يكن حفل افتتاحه مجرد مناسبة ثقافية، بل احتفالًا حضاريًا يعبر عن عراقة مصر وقدرتها على الجمع بين التاريخ والحداثة في لوحة واحدة أبهرت العالم.
بدأت فعاليات الافتتاح في السابعة مساءً وسط أجواء احتفالية مهيبة، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد كبير من ملوك ورؤساء الدول، إلى جانب شخصيات سياسية وثقافية من مختلف أنحاء العالم، وممثلين عن منظمة اليونسكو، فضلًا عن أكثر من 450 مراسلًا يمثلون نحو 180 وسيلة إعلامية دولية ومحلية لتغطية الحدث.
وجاء الحفل محكمًا في تفاصيله، حيث بدأ بعرض بصري ضوئي مذهل جرى إسقاطه على واجهات المتحف وساحة الأهرامات، يسرد قصة الحضارة المصرية منذ فجر التاريخ وحتى عصرها الحديث.
تبعت ذلك فقرة موسيقية شارك فيها فنانون مصريون قدموا مقطوعات مستوحاة من التراث الفرعوني، مزجت بين الموسيقى الكلاسيكية والعروض المعاصرة، لتأخذ الحضور في رحلة عبر الزمن نحو جوهر الهوية المصرية.

كما شهد الحفل فقرة استثنائية خُصصت لقاعة توت عنخ آمون، التي تعد أبرز محطات المتحف، حيث عُرضت المجموعة الكاملة الخاصة بالملك الذهبي لأول مرة في مكان واحد منذ اكتشافها قبل أكثر من قرن، وقد أتيح للضيوف بعد الحفل جولة داخل القاعات الجديدة، التي تضم أكثر من مئة ألف قطعة أثرية جُمعت بعناية لتروي قصة مصر عبر العصور.
كلمة الرئيس السيسي
وفي كلمته خلال الحفل، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل لحظة تاريخية تؤكد عبقرية المصري القديم والمصري المعاصر على حد سواء، قائلًا: “المتحف الكبير شهادة على عبقرية المصري الذي نقش على الجدران قصة وطن، واليوم نكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الحاضر والمستقبل”.
وأشار الرئيس إلى أن هذا الصرح العظيم يعد رسالة سلام وثقافة للعالم أجمع، ودعوة للتأمل في إرث الإنسانية المشترك الذي حفظته مصر عبر آلاف السنين.
وأضاف الرئيس السيسي أن هذا المشروع لم يكن مجرد بناء ضخم، بل رؤية وطنية تهدف إلى تعزيز مكانة مصر الثقافية والسياحية، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال الاستثمار في القوة الناعمة التي تمثلها الحضارة المصرية.
وشكر في ختام كلمته جميع من شاركوا في إنجاز هذا الحلم من علماء الآثار والمهندسين والعمال، مؤكدًا أن مصر ستظل حارسة الحضارة ومصدر الإلهام الإنساني.
وتميزت الفعالية بتنظيم رفيع المستوى، حيث جرى تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف وتزيينها بالأعلام المصرية وأعلام الدول المشاركة، إلى جانب تحسين الطرق والبنية التحتية في هضبة الأهرامات استعدادًا للحدث.
كما استخدمت أحدث تقنيات الإضاءة والعروض الرقمية لإبراز عظمة المكان والمقتنيات.
في الوقت نفسه، ألقى السير مجدي يعقوب، طبيب القلب المصري العالمي، كلمة مؤثرة خلال حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، أعرب فيها عن فخره واعتزازه بانتمائه لمصر، كما أكد أن هذا الصرح الثقافي العملاق يجسد عظمة المصريين وقدرتهم على صنع المعجزات.
وقال يعقوب: “اليوم، وأنا أقف هنا، أرى الخيط الممتد من جراح مصري قديم كان يمسك مشرطه على ضوء المشاعل، إلى جراح مصري معاصر يعالج القلوب بأدوات العصر الحديث”.
وأضاف: “في مصر القديمة، كانت مهنة الطب مقدسة، حيث تعلم الكهنة في البيوت القديمة أسرار التشريح والدواء، وجمعوا بين الجسد والروح”.
وأتم بالقول إن العناية بالإنسان، أي إنسان، بغض النظر عن جنسيته أو ديانته أو عقيدته، كانت وما زالت أعظم هدية قدمتها حضارتنا للعالم”.
بدوره، قال فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق وصاحب فكرة بناء المتحف الكبير، إن افتتاح المتحف المصري الكبير يعد مرآة للتاريخ ومصدر فخر لكل مصري وعربي، كما أكد أن هذا الافتتاح المبهر يجسد روعة الإبداع المصري وعظمة الإنجاز الوطني، ويعد تتويجًا لرحلة طويلة من الجهد والإخلاص امتدت لعقود.
وأضاف: «أتقدم بأسمى آيات التهنئة إلى الدولة المصرية وجميع مؤسساتها على هذا الافتتاح الاستثنائي الذي أضاء صورة مصر في أبهى تجلياتها أمام العالم، وأشكر كل من ساهم في إعداد وتنظيم هذا الحدث العظيم».
وأوضح وزير الثقافة الأسبق أن افتتاح المتحف المصري الكبير يضيف أبعادًا جديدة لترسيخ الهوية الوطنية في قلوب الأجيال المتتابعة، وغرس جذور الفن المصري الأصيل في الوجدان، مشددًا على أن «المتحف يمثل ملحمة تُروى للأجيال القادمة، وهدية من مصر للعالم».
كما شدد على أن هذا المشروع ما كان ليتم إلا برعاية واهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودعمه المستمر للمشروع حتى خروجه إلى النور، موجّهًا التحية لكل من ساهم في إنجاز هذا الصرح الحضاري، وفي مقدمتهم القوات المسلحة المصرية التي كان لها دور كبير في دعمه وتنفيذه.
وتابع: «أتذكر بحب وامتنان الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي أبدى حماسًا كبيرًا عند انطلاق المشروع، والمشير الراحل محمد حسين طنطاوي الذي قدم دعمًا وافرًا، والسادة رؤساء الوزراء والوزراء السابقين والحاليين، وكل الزملاء في وزارتي الثقافة والآثار والمهندسين والخبراء والأثريين والعمال الذين بذلوا جهدًا مشهودًا لإنجاز هذا العمل الوطني الكبير».
واختتم قائلًا: «الآن أشعر بالرضا والسعادة الغامرة، وأتمنى أن يتمسك الجيل الجديد بالحالة الوطنية العظيمة التي عاشها في هذه اللحظة التاريخية، وأن يحمل أحلامه وهويته المصرية إلى الأجيال القادمة، فبهم يتجدد شباب مصر، وبأحلامهم تظل دومًا سامقة».
جريدة المنطقة العربية رؤية فريدة وتفاصيل حصرية
