أخبار عاجلة
عيدالعمال
عيدالعمال

كيف تطوّر الاحتفال بـ«عيد العمال» في مصر منذ إعلان 1 مايو عطلة رسمية؟

كيف تطوّر الاحتفال بعيد العمال في مصر منذ إعلان 1 مايو عطلة رسمية؟ حيث يعد الأول من مايو مناسبة عالمية لتكريم الجهود والتضحيات التي قدّمها العمال في سبيل الحصول على حقوقهم وتحسين أوضاعهم. يُعرف هذا اليوم بعدة تسميات، من أبرزها “عيد العمال”، “يوم العمال العالمي”، و”يوم مايو”، ويُحتفل به في معظم دول العالم كتعبير عن التضامن مع الطبقة العاملة وإحياء لذكرى نضالاتها التي غيّرت وجه التاريخ الصناعي والاجتماعي.

الجذور التاريخية لعيد العمال

تعود بداية الاحتفال بعيد العمال إلى نهايات القرن التاسع عشر، وتحديدًا عام 1889، عندما قرر الاتحاد الدولي للجماعات الاشتراكية والنقابات العمالية جعل يوم 1 مايو يومًا عالميًا للعمال. جاء هذا القرار تخليدًا لذكرى أحداث “هايماركت” الشهيرة التي وقعت في مدينة شيكاغو الأمريكية عام 1886.

في ذلك العام، خرج آلاف العمال في إضراب شامل مطالبين بتحديد يوم العمل بثماني ساعات فقط. ورغم سلمية المطالب، تحوّلت الاحتجاجات إلى مواجهات عنيفة بعد أن انفجرت قنبلة في أحد التجمعات، مما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص، بينهم رجال شرطة. وقد أثارت تلك الحادثة ردود فعل واسعة محليًا ودوليًا، لتصبح رمزًا لصمود العمال في وجه القمع، وانطلقت منها شرارة الاحتفال السنوي بعيدهم.

كيف انتقل العيد إلى العالم؟

رغم أن جذور عيد العمال كانت في الولايات المتحدة، إلا أن الغريب أن أمريكا نفسها لا تحتفل به في الأول من مايو، بل تحتفل به في أول يوم اثنين من شهر سبتمبر من كل عام. ويُعزى ذلك إلى رغبة الرئيس الأمريكي آنذاك، جروفر كليفلاند، في فصل الاحتفال بالعمال عن الحركات الاشتراكية المتطرفة التي تبنّت الأول من مايو رمزًا لها. ولهذا السبب، وقّع كليفلاند تشريعًا جعل من شهر سبتمبر وقتًا رسميًا للاحتفال بعيد العمال في الولايات المتحدة، لتتبعه كندا بعد فترة قصيرة في نفس التوجه.

أما في أوروبا، فقد تداخل عيد العمال مع تقاليد قديمة كانت تحتفل بالطبيعة والخصوبة في بداية شهر مايو، مثل مهرجانات “بلتان” الوثنية. ومع صعود الحركات العمالية، تم استبدال الطابع الديني أو الفلكلوري لهذا اليوم بطابع سياسي واجتماعي يرتبط بمطالب العمال وحقوقهم، ليأخذ الأول من مايو طابعًا كفاحيًا أكثر من كونه احتفالًا موسميًا.

الاتحاد السوفيتي والحركات العمالية

في بداية القرن العشرين، اعتنق الاتحاد السوفيتي الأول من مايو كعطلة رسمية تعكس روح الاشتراكية، حيث اعتُبر اليوم فرصة لتوحيد العمال في مختلف أنحاء العالم ضد النظام الرأسمالي. ومن هذا المنطلق، تحوّلت المناسبة إلى منصة سياسية ضخمة، وبلغت ذروتها في الاتحاد السوفيتي نفسه، حيث كانت تقام مسيرات حاشدة في الساحة الحمراء بموسكو، يتقدمها قادة الحزب الشيوعي، وتتخللها عروض عسكرية ورسائل سياسية تعبّر عن وحدة الصف العمالي حول العالم.

كما انتقلت هذه المظاهر الاحتفالية إلى دول الكتلة الشرقية، التي كانت ترى في عيد العمال فرصة لعرض “نجاحات الاشتراكية” والترويج للنظام السياسي القائم. وقد استخدمت الحكومات هذا اليوم أحيانًا وسيلة دعائية لإظهار الاستقرار والقوة.

القصة وراء عيد العمال - RT Arabic

تناقض ألماني: عيد العمال والنقابات

واحدة من أكثر المفارقات التاريخية كانت في ألمانيا عام 1933، عندما قرر النظام النازي بقيادة أدولف هتلر جعل الأول من مايو عطلة رسمية للاحتفال بعيد العمال. وبالرغم من هذه الخطوة، أقدم النظام النازي في اليوم التالي مباشرة على حل النقابات الحرة واستبدالها بمنظمات عمالية تخضع لسيطرة الحزب. وهكذا، تحوّل العيد الذي كان رمزًا للنضال النقابي إلى مناسبة فارغة من محتواها الحقيقي، في ظل تقييد الحريات وتفكيك العمل النقابي المستقل.

تراجع الاحتفال في شرق أوروبا بعد سقوط الشيوعية

مع نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي في أوائل تسعينيات القرن العشرين، فقد عيد العمال الكثير من رمزيته في دول أوروبا الشرقية، التي كانت حتى وقت قريب تنظم احتفالات ضخمة بالمناسبة. أدى سقوط الأنظمة الشيوعية إلى إعادة النظر في الكثير من الرموز والمناسبات المرتبطة بها، وكان عيد العمال أحدها، حيث لم يعد يحمل نفس الزخم أو الطابع الإيديولوجي.

ومع ذلك، لم يختفِ العيد تمامًا، بل استمر في بعض الدول كعطلة رسمية وإن كانت خالية من الشعارات القديمة أو المسيرات السياسية. في بعض البلدان، تحوّل إلى مناسبة اجتماعية أو حتى يوم للراحة والاستجمام.

قبل الاحتفال به.. القصة الكاملة لعيد العمال وسبب تخصيص الأول من مايو  لإحيائه - دار الهلال

عيد العمال اليوم: بين الرمز والتحديات الحديثة

في العصر الحديث، لا يزال عيد العمال مناسبة تحتفل بها العديد من الدول حول العالم، من ضمنها فرنسا، إيطاليا، مصر، الهند، جنوب إفريقيا، وغيرها. في بعض هذه الدول، يُنظّم في الأول من مايو سنويًا مظاهرات ومسيرات تطالب بتحسين الأجور، وتثبيت العمالة، وحماية حقوق المرأة في سوق العمل، وغيرها من القضايا الاجتماعية المتجددة.

لكن اللافت أن السياق قد تغيّر بشكل كبير. فالتحديات التي يواجهها العمال اليوم تختلف عمّا كان عليه الوضع قبل قرن من الزمان. نحن اليوم أمام تحوّلات كبرى مثل الأتمتة، والعمل عن بُعد، والاقتصاد الرقمي، وتنامي أشكال جديدة من العقود الهشة مثل العمل الحر أو “الجيغ إيكونومي”. هذه التغيرات أعادت طرح أسئلة جوهرية حول معنى العمل، وأشكال الحماية الاجتماعية، والعدالة في توزيع الثروة.

عيد العمال في الوطن العربي

في العالم العربي، يُعتبر الأول من مايو عطلة رسمية في معظم الدول، ويتم فيه تكريم العاملين في القطاعين العام والخاص. في مصر على سبيل المثال، يتم تنظيم احتفال سنوي يحضره رئيس الجمهورية أو من ينوب عنه، حيث يتم تكريم عدد من العمال المتميزين، وتقديم كلمات تتناول قضايا العمل والإنتاج.

لكن رغم الطابع الرسمي للاحتفال، لا تزال قضايا العمال في العالم العربي بحاجة إلى مزيد من الاهتمام، خاصة فيما يتعلق بشروط العمل، والحد الأدنى للأجور، وتأمين بيئة عمل آمنة، فضلاً عن تمثيل العمال الحقيقي في النقابات دون تدخل حكومي.

عيد العمال: كيف أصبح الأول من مايو/أيار عيداً للقوى العاملة؟ - BBC News عربي

أبرز المناسبات ذات الطابع العالمي

يظل عيد العمال أحد أبرز المناسبات ذات الطابع العالمي التي توحّد ملايين الناس حول قضية واحدة: كرامة الإنسان العامل. وعلى الرغم من أن الاحتفال به قد تغيّر شكله من مكان إلى آخر ومن زمن إلى آخر، إلا أن مضمونه الأساسي لا يزال قائمًا: إنه تذكير دائم بفضل من يعملون في المصانع، والمزارع، والمكاتب، والمستشفيات، وكل موقع إنتاج، في بناء المجتمعات وتحريك عجلة الحياة.

عيد العمال ليس مجرد عطلة سنوية، بل هو محطة سنوية لإعادة التأكيد على حقوق العمال، وتقدير جهودهم، والتفكير الجاد في التحديات المستقبلية لعالم العمل. فما تحقق في الماضي كان بفضل نضال طويل، وما يُراد تحقيقه غدًا يتطلب نفس الروح: التضامن، والصمود، والعمل المشترك.

عن admin

شاهد أيضاً

14 فبراير «يوم الفلانتين».. حكاية ملك تنازل عن العرش من أجل الحب

في 14 فبرايرمن كل عام يحتفل الملايين حول العالم بعيد الحب. ويحمل هذا العيد اسم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *