في خطوة تعكس عمق العلاقات الثنائية بين القاهرة وبكين، شهدت العاصمة الإدارية الجديدة توقيع 5 وثائق تعاون جديدة بين مصر والصين، خلال زيارة لي تشيانج، رئيس مجلس الدولة الصيني، إلى مصر. تأتي هذه الوثائق في إطار تنفيذ اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقع بين البلدين في عام 2014، وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون التنموي والاستثماري خلال السنوات المقبلة.
أول استراتيجية للتعاون الإنمائي بين مصر والصين (2025–2029)
من أبرز ما تضمنته الاتفاقيات، توقيع مذكرة تفاهم لأول استراتيجية للتعاون الإنمائي بين مصر والصين للفترة 2025–2029. وقد وقعت الوثيقة الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى جانب “تشن شياودونج”، رئيس الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي.
تهدف الاستراتيجية إلى دعم أهداف التنمية المستدامة في مصر 2030، من خلال التركيز على ملفات الصحة، وتغير المناخ، والتنمية الخضراء، والاقتصاد الرقمي، والفضاء، والتعليم، وتوطين الصناعة، وغيرها من المجالات ذات الأولوية المشتركة.
مبادلة الديون من أجل التنمية.. تجربة مصرية تتوسع مع الصين
كما تم توقيع الاتفاق الإطاري للمرحلة الأولى من برنامج مبادلة الديون بين مصر والصين، لتكون مصر أول دولة توقع مثل هذا النوع من التمويل التنموي مع الصين. وتأتي هذه الخطوة ضمن نهج مصر في استخدام أدوات مبتكرة لتمويل التنمية، حيث تمتلك بالفعل خبرة في برامج مماثلة مع إيطاليا وألمانيا تجاوزت 900 مليون دولار.
وأكدت وزيرة التخطيط أن مبادلة الديون تمثل أحد الحلول المبتكرة لتخفيف أعباء الديون وتعزيز التمويل الموجه للمشروعات التنموية ذات الأولوية، بما يتماشى مع التوصيات الدولية لإصلاح النظام المالي العالمي لصالح الدول النامية.
مصر تستهدف جذب استثمارات صينية بـ8 مليارات دولار خلال 4 سنوات
خلال الزيارة، جددت مصر تأكيدها على استراتيجية جذب استثمارات صينية جديدة بقيمة 8 مليارات دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، خاصة في مشروعات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتوطين الصناعة، والتكنولوجيا، واللوجستيات، بما يتوافق مع مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين ترتكز على الدبلوماسية الاقتصادية الفعالة التي تتبناها الدولة المصرية، وتقوم على الشراكة السياسية المستقرة والمصالح المشتركة طويلة المدى.
دعم الابتكار والتكنولوجيا.. منحة لتطوير الأطراف الصناعية
كما تم توقيع خطابات متبادلة لمنحة دراسات الجدوى الخاصة بتطوير منظومة الأطراف الصناعية بقيمة 1.52 مليون يوان صيني. يهدف المشروع إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة الأطراف والأجهزة التعويضية لذوي الإعاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وفقًا لأحدث المعايير الدولية.
تعزيز الموارد البشرية عبر 2000 فرصة تدريبية
وقعت وزيرة التخطيط أيضًا مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال تنمية الموارد البشرية، حيث ستوفر الصين 2000 فرصة تدريبية للمصريين خلال الفترة 2025 – 2027، ضمن برامج ثنائية ومتعددة الأطراف، في مجالات متعددة منها الإدارة، التكنولوجيا، والصناعة.
إنشاء معمل للسلامة الحيوية من المستوى الثالث
في مجال الأمن الصحي، تم توقيع خطابات متبادلة لإنشاء معمل السلامة الحيوية من المستوى الثالث، بهدف دعم قدرات مصر في مواجهة الأمراض المعدية عالية الخطورة، مثل فيروس كورونا ومتحوراته. ويعد هذا المعمل أحد البنى التحتية المتقدمة لدعم البحث العلمي والتشخيص السريع واحتواء الأوبئة.
العلاقات المصرية الصينية.. شراكة استراتيجية نحو المستقبل
تمثل هذه الزيارة والتوقيعات المرافقة لها نقلة نوعية في العلاقات المصرية الصينية، من شراكة تقليدية إلى تحالف تنموي واستثماري متكامل. كما تعكس توجه القاهرة نحو تنويع شركائها الدوليين، والاستفادة من التمويلات والخبرات الدولية في تنفيذ خطط التنمية المستدامة.
وتُبرز الخطوات المتخذة أهمية مصر كشريك رئيسي في مبادرة الحزام والطريق، وتضعها في موقع استراتيجي لتعزيز التعاون جنوب-جنوب، وتوطين التكنولوجيا، وتحفيز النمو الأخضر الشامل.
جريدة المنطقة العربية رؤية فريدة وتفاصيل حصرية
