جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي العاصمة التركية أنقرة ، خلال الأسبوع الماضي ، ومشاركته والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حضور التوقيع علي مذكرات تفاهم وتعاون اقتصادي وتجاري ، لتعزز من علاقات البلدين .
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء ، وصل حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا وصل إلى 3 مليارات دولار خلال النصف الأول من عام 2024، مقابل 3.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023.
و سجلت حجم الصادرات المصرية إلى تركيا 1.5 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024 مقابل 2.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023، بينما بلغ حجم الواردات المصرية من تركيا 1.5 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2024 مقابل 1.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023.
ومن أهم مجموعات سلعية صدرتها مصر إلى تركيا خلال النصف الأول من عام 2024 :
1. لدائن ومصنوعاتها بقيمة 235 مليون دولار.
2. أسمدة بقيمة 177 مليون دولار.
3. حديد وصلب ومصنوعاته بقيمة 143 مليون دولار.
4. آلات وأجهزة كهربائية وألية وأجزاؤها بقيمة 113 مليون دولار.
5. ملابس جاهزة بقيمة 101 مليون دولار.
ومن أهم مجموعات سلعية استوردتها مصر من تركيا خلال النصف الأول من عام 2024
1. آلات وأجهزة كهربائية وألية وأجزاؤها بقيمة 275 مليون دولار.
2. حديد وصلب ومصنوعاته بقيمة 278 مليون دولار.
3. وقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة 117 مليون دولار.
4. لدائن ومصنوعاتها بقيمة 74 مليون دولار.
وسجلت قيمة الاستثمارات التركية في مصر 77.8 مليون دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2023/ 2024 مقابل 103.2 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالى 2022/2023 بينما بلغت الاستثمارات المصرية في تركيا 33.2 مليون دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2023/ 2024 مقابل 28.4 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالى 2022/2023.
وبلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين بتركيا 30.1 مليون دولار خلال العام المالي 2022 /2023 مقابل 29.1 مليون دولار خلال العام المالي 2021 / 2022 ، بينما بلغت قيمة تحويلات الأتراك العاملين في مصر 10.7 مليون دولار خلال العام المالي 2022 /2023 مقابل 10.3 مليون دولار خلال العام المالي 2021 / 2022.
وسجل عدد سكان مصر 106.8 مليون نسمة في سبتمبر 2024، بينما سجل عدد سكان تركيا 86.3 مليون نسمة لنفس الفترة، وبلغ عـدد المصـريين المتواجديـن بدولة تركيا طبقــاً لتقديرات البعثة 73.3 ألف مصري حتى نهاية عام 2023.
شراكة تجارية
وتعد مصر تعتبر أكبر شريك تجاري لتركيا في القارة الإفريقية، فتركيا تعد أكبر الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية خلال العام 2023 بقيمة 2 مليار و 943 مليون دولار، فرغم ما عكر صفو العلاقات المصرية التركية، إلا أن العلاقات الاقتصادية كانت بعيد كل البعد عن ذلك، بل كانت البوابة الأكثر انفتاحا لعودة العلاقات الرسمية بين البلدين، بحسب المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
وتعتبر تركيا بوابة مصر للأسواق الأوروبية. فكلا من مصر وتركيا تدركان أهمية الثقل الجغرافي الاستراتيجي لبعضهما البعض، وبالتالي كانت هناك جهود حثيثة لتطبيع العلاقات بين البلدين، وتعد البوابة الاقتصادية هي الأمثل لذلك.
وحققت معدلات التجارة البينية بين مصر وتركيا خلال عام 2022 زيادة غير مسبوقة منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ، حيث بلغ حجم التبادل التجاري عام 2022 نحو 7.1 مليار دولار.
تربط مصر وتركيا اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة وقعت عام 2005، ودخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2007 لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الدولتين على مدى فترة لا تزيد عن 12 سنة من تاريخ التصديق بموجب هذه الاتفاقية، تعفى الصادرات الصناعية المصرية لتركيا على الفور من الرسوم الجمركية ومن الرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل، إلى جانب تطبيق معدلات الخصم على قائمة معينة من المنتجات والتي تختلف خلال سنوات التشغيل حتى تصل إلى الإعفاء الكامل.
ولا تقدم اتفاقية التجارة الحرة للصادرات الصناعية المصرية حق الوصول الكامل والفوري للسوق التركية الكبيرة فحسب، بل تُسهّل الوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي، من خلال دمج الصناعات التركية والمصرية وتمكين المصدرين المصريين من الاستفادة من تجربة تركيا في الاتحاد الأوروبي ، وبناءً عليه تحقق اتفاقية التجارة الحرة عدة مزايا تجارية، أهمها: إزالة القيود المفروضة على تجارة السلع بما في ذلك المنتجات الزراعية، و خلق بيئة مناسبة لجذب المزيد من الاستثمارات، وتوفير منافسة تجارية عادلة بين الدولتين، فضلا عن تسهيل الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، كما أن اتفاقيات التجارة الحرة بين مصر وأفريقيا مثل اتفاقية الكوميسا تُسهّل الوصول إلى المستثمرين الأتراك.
ويستهدف خلال السنوات الخمس القادمة، النهوض بحجم التجارة الثنائية من 10 مليار دولار حالياً إلى 20 مليار دولار مع بحث إمكانية استخدام العملات المحلية في التجارة الثنائية في الفترة المقبلة لخفض الطلب على الدولار في البلدين لمعانتهما من نقص الدولار.
تحديات اقتصادية
ويواجه الاقتصادين المصري والتركي نفس التحديات– نتيجة خروج الكثير من الأموال الساخنة، وارتفاع مستويات التضخم واللجوء لرفع أسعار الفائدة، وتذبذب التصنيف الائتماني للبلدين، نتيجة تراكم الديون الخارجية ونقص الدولار – باختلاف حدتها، وأصبحت الحلول المعتادة برفع سعر الفائدة أو تخفيض قيمة العملة أمور غير مجدية لحل هذه المعضلة الاقتصادية.
ويكاد يكون الحل الوحيد لتحسين الوضع الاقتصادي، بزيادة الإنتاج المحلي، وتنويع مصادر الدخل الأجنبي، وفتح أسواق تصديرية جديدة. لذا فهي بمثابة فرصة ذهبية للبلدين يمكن استغلالها لتعزيز وتعميق الاستثمارات و التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي بين مصر وتركيا للعبور من هذه الأزمة المالية بالبناء على الروابط الاقتصادية الفريدة بين البلدين والتي لم تعصف بها أو تزعزعها أية خلافات أو اختلافات في المواقف السياسية.
ودائما ما كانت مصر موضع اهتمام من قبل المستثمرين الأتراك لأن تكاليف العمال والإنتاج أرخص بكثير منها في مضيق البوسفور ، إلى جانب توفير مزايا استثمارية للقطاع الخاص، أبرزها «وثيقة سياسة ملكية الدولة» و«الطروحات الحكومية» ، و«الرخصة الذهبية»، فضلاً على وجود بنية تحتية متطورة قادرة على استيعاب المزيد من المشروعات الإنتاجية، بخلاف رفع شرط الحصول على التأشيرة في أبريل 2023 الأمور التي أسهمت في تخطي إجمالي الاستثمارات التركية بمصر لمبلغ 2.5 مليار دولار، ومن أبرز الشركات التركية بمصر “أركليك” (Arcelik) و”سيسكام” (Sisecam) و”تمسا” (Temsa) و”يلديز القابضة” Yildiz Holding) توظف هذه الشركات وغيرها من الشركات التركية ما يقرب من ٧٠ ألف عامل بشكل مباشر.
وبخلاف ظروف الإنتاج والتكلفة الجيدة بمصر، فالشركات التركية التي تفتح مقرات لها في مصر تتمتع أيضًا بفرصة الوصول إلى التجارة المعفاة من الرسوم الجمركية مع دول أخرى، وهو ما يمهد لهم فتح أسواق دولية جديدة.
نقلة في العلاقات
وأجمع دبلوماسيون ومراقبون واقتصاديون على وصف زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى تركيا، بأنها تحمل “نقلة نوعية” للعلاقات بين البلدين تنعكس إيجابياً على المنطقة بشكل عام، بعد نحو ما يزيد على عقد من الخلافات الممتدة، والتي طغت على ملفات ثنائية وإقليمية مشتركة، قبل أن يحدث اختراقًا كبيرًا بالاتفاق على تطوير العلاقات الدبلوماسية، وتبعها زيارة الرئيس التركي إلى القاهرة في فبراير.
ووصفت الرئاسة المصرية، زيارة السيسي إلى أنقرة بـ”التاريخية”، معتبرة أنها تمثل محطة جديدة في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، والبناء على الزيارة السابقة للرئيس أردوغان، وتأسيساً لمرحلة جديدة من الصداقة والتعاون المشترك بين البلدين، سواء ثنائياً أو على مستوى الإقليم، الذي يشهد تحديات جمة تتطلب التشاور والتنسيق بين البلدين.
و اعتبر رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، أن الزيارة تأتي في توقيت مهم للغاية، إذ أنها الأولى من نوعها للرئيس السيسي منذ توليه منصبه قبل 11 عامًا، بيد أنه زار أنقرة عندما كان وزيرًا للدفاع في العام 2013.
وقال العرابي إن “مصر وتركيا لديهما تطلع إلى مرحلة جديدة في التعاون التي تشهد سياسات متفقة في الرؤى بالنسبة للأوضاع بالمنطقة”، مشددًا على أن تطوير العلاقات بين الجانبين سيكون له انعكاسات إيجابية مباشرة لتحقيق استقرار أكبر في هذه المنطقة التي تعاني من ويلات الصراعات والأزمات.
وأضاف رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية أن “الأزمات الإقليمية باتت متشابكة ومتصلة بعضها البعض، فلا نستطيع الفصل بين الحرب بغزة والتوتر بالبحر الأحمر، كما لا نستطيع الفصل بين ما يجري في السودان وأزمات منطقة القرن الأفريقي وصولًا إلى ليبيا، وبالتالي وهذا يتطلب تنسيقًا متواصلًا بين القاهرة وأنقرة، سعيًا نحو رؤية واحدة لمحاولات حل هذه القضايا والتشابكات لوقف دائرة العنف بالإقليم”.
من جانبه ، أكد الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن العلاقات المصرية التركية هي علاقات تاريخية ينظمها العديد من الاتفاقات أهمها اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين؛ تلك الاتفاقية التي ساعدت على خلق حجم تبادل تجاري بين البلدين وصل إلى 10 مليارات دولار حتى أخر إحصائية، مشيرا إلى أن هناك العديد من الاستثمارات التركية في مصر ممثلة في أكثر من 200 شركة ومصنع تركي باستثمارات تتعدى 2.5 مليار دولار.
وأكد الدكتور وليد جاب الله أن التعاون الاقتصادي بين البلدين لم يتأثر أبدا خلال السنوات الماضية، ولكن هناك فرصة لتحسن العلاقات بين البلدين مع قيام الرئيس التركي بزيارة مصر خلال فبراير الماضي كما نحن بصدد زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا، بحيث تكون الأجواء السياسية الجديدة دافع لزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين الدولتين.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن مصر تصدر إلى تركيا منتجات مثل الزيوت المعدنية والأقمشة والمنسوجات بكل أنواعها والمواد الكيماوية والأسمدة وغيرها من الآلات والمعدات الزراعية، بينما تستورد مصر من تركيا نوعيات من الزيوت المعدنية والسيارات والمنتجات الكيماوية واللدائن والجرارات وغيرها من المنتجات، قائلا: “هذا التعاون بين البلدين مرشح للزيادة وأن يتلقى دفعة كبيرة من خلال التوجهات التي تربط بين البلدين من أجل تعزيز الأوضاع الاقتصادية بينهم وبدأ ذلك من خلال مجموعة من الزيارات المتبادلة بين كبار المسئولين في البلدين”.
واختتم عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن هناك توجهات لترويج الفرص الاستثمارية للمستثمرين الأتراك وتشجعيهم على دخول السوق المصرية بصورة أكبر، كما أن مصر ترحب بالسياحة التركية في مصر وترحب بخلق إطار من التعاون يساعد على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين في إطار اتفاقية التجارة الحرة بينهما والتي دخلت حيز التنفيذ في 2007 لكنها تحتاج إلى تطوير ومزيد من التفعيل لتحقيق نتائج أكبر للبلدين خلال الفترة القادمة.
مجالات تعاون
وقال الدكتور أشرف غراب، الخبير اقتصادي، أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تعد هي الزيارة الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي لتركيا منذ توليه توليه حكم البلاد بعد التقارب الكبير الذي شهدته العلاقات بين مصر وتركيا، موضحا أن الزيارة عقد خلالها اجتماع المجلس الاستراتيجي رفيع المستوى للعلاقات بين البلدين الذي تم تدشينه عند زيارة أردوغان للقاهرة.
وأضاف غراب، أن زيارة الرئيس السيسي لأنقرة برفقته عدد من الوزراء، شهدت توقيع الكثير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في العديد من المجالات والقطاعات الاقتصادية، إضافة لبحث الجانبين التعاون في مجال الغاز الطبيعي المسال وملف الطاقة بشكل عام، إضافة لتوسيع اتفاقية التجارة الحرة بين الدولتين وزيادة حجم التبادل التجاري بين القاهرة وأنقرة، والذي من المتوقع أن يبلغ نحو 15 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، متوقعا أن يزيد حجم التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدولتين لرقم قياسي خلال الفترة المقبلة.
أوضح غراب، أن الفترة المقبلة ستشهد مزيد من تدفقات الاستثمارات التركية في مصر، خاصة أن الاقتصاد المصري يتمتع بمناخ جاذب للاستثمارات الأجنبية لما يتضمنه من مناطق اقتصادية كبيرة وبنية تحتية وتشريعية قوية ومشروعات عملاقة وأيدي عاملة وأراضي صناعية وسرعة في منح الرخصة الذهبية، موضحا أن العلاقات المصرية التركية عادت وبقوة وأن تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وأنقرة وهما اقتصادين كبيرين يحقق التكامل الاقتصادي بينهما ويعود بمكاسب اقتصادية كبيرة على البلدين، وقد تفتح آفاقا واسعة بين دولتين من أكبر بلدان العالم الإسلامي.
وأشار غراب، إلى أن مصر تعد أكبر شريك تجاري لتركيا بقارة أفريقيا حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما خلال عام 2023 نحو 6.6 مليار دولار وفقا للإحصائيات الرسمية، حيث بلغت صادرات مصر لتركيا نحو 3.8 مليار دولار بينما بلغت الواردات نحو 2.8 مليار دولار، موضحا أن الزيارة سينتج عنها توقيع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والتعليم والسياحة والصحة والثقافة والدفاع وغيرها، موضحا أن حجم الاستثمارات التركية في مصر تقدر بأكثر من 3 مليار دولار من خلال نحو 200 شركة تركية توفر نحو 70 ألف فرصة عمل مباشرة و100 ألف فرصة عمل غير مباشرة.
تابع غراب، أن التقارب الاقتصادي بين مصر وتركيا يدفع لتنفيذ المعاملات التجارية خلال الفترة المقبلة بالعملات المحلية وهذا يشير إلى حدوث مبادلة للعملات المحلية بين الدولتين لإتمام العمليات التجارية، ما يقلل من الضغط على العملة الصعبة ويعزز من قيمة الجنيه المصري، متوقعا أن يشهد التقارب بين الدولتين دخول استثمارات تركية ضخمة لمصر خلال السنوات المقبلة، إضافة لرغبة عدد كبير من الشركات التركية للتوسع بالاستثمارات في مصر، خاصة في العاشر من رمضان و6 أكتوبر والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.