شهدت الأيام الأخيرة حملة أمنية واسعة استهدفت مجموعة من صانعي المحتوى على تطبيق “تيك توك” في مصر، وذلك على خلفية اتهامات بنشر محتوى اعتبره كثيرون خادشًا للحياء العام ومحرضًا على قيم وسلوكيات لا تتماشى مع الأعراف الاجتماعية المصرية. وأسفرت الحملة عن ضبط عدد من “التيك توكرز” المعروفين، الذين يحظون بمتابعة جماهيرية واسعة داخل مصر وخارجها.
تفاصيل الحملة الأمنية ضد التيك توكرز في مصر
جاءت الحملة بعد تصاعد عدد البلاغات المقدمة إلى النيابة العامة من قبل محامين ومواطنين ضد بعض مشاهير تيك توك، متهمين إياهم باستخدام منصات التواصل في تقديم محتوى ينتهك قيم الأسرة المصرية ويتربحون منه بطريقة غير مشروعة. وقد جرى رصد ومتابعة حسابات عدد من صناع المحتوى لأيام قبل التحرك الأمني.
من هم أبرز التيك توكرز المقبوض عليهم؟
في مقدمة الأسماء التي جرى القبض عليها، جاء التيك توكر المعروف باسم “مداهم”، واسمه الحقيقي محمد خالد، والذي أثار الجدل في الفترة الماضية من خلال بثوث حية ومقاطع قصيرة تتضمن إيحاءات وصفها البعض بأنها فجة ومنافية للذوق العام. وتم القبض عليه داخل شقته في القاهرة، حيث وجهت إليه تهم بنشر محتوى خادش والتربح من منصات التواصل دون وجود سجل ضريبي واضح.
كما تم القبض على “شاكر محظور دلوقتي”، واسمه الحقيقي محمد شاكر حمزة، الذي اشتهر بلقب “دنجوان التيك توك”، بعد ظهوره في عدد من الفيديوهات التي أثارت انتقادات واسعة. وقد جرى ضبطه داخل مقهى شهير أثناء بث مباشر وصفه البعض بأنه مهين لقيم المجتمع المصري، ووجهت إليه تهم تتعلق بالتحريض على الفجور والتربح الإلكتروني دون ضوابط قانونية.
وشملت الحملة كذلك عددًا من صانعات المحتوى مثل “أم سجدة”، و”سوزي الأردنية”، و”أم مكة”، و”علياء مناديل”، ممن تم اتهامهن بتقديم محتوى يعتمد على الإثارة والتجاوزات اللفظية والسلوكية بهدف جذب المشاهدات وتحقيق أرباح.
التهم الموجهة للتيك توكرز
تركزت التهم الموجهة للمقبوض عليهم في:
* نشر وبث محتوى غير لائق عبر الإنترنت.
* التحريض على الفسق أو الإيحاءات الجنسية.
* الإخلال بالآداب العامة.
* التربح غير المشروع من الهدايا الرقمية والربح من المشاهدات والبث المباشر دون وجود إطار قانوني أو ضريبي واضح.
* مخالفة قانون الجرائم الإلكترونية ونشر ما يخل بالقيم الأسرية والمجتمعية.
حملة على التيك توك في مصر.. هل هي بداية تنظيم المحتوى الرقمي؟
يرى مراقبون أن هذه الحملة تمثل تحولًا واضحًا في تعاطي السلطات المصرية مع منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة تيك توك، بعد أن باتت ساحة مفتوحة لبث محتوى ترفيهي وأحيانًا غير منضبط من حيث المضمون. ويعتقد كثيرون أن الدولة تحاول فرض رقابة أخلاقية وقانونية على المحتوى الرقمي في ظل غياب قوانين محددة تفرق بين حرية التعبير والنشر المخالف.
من ناحية أخرى، يرى البعض أن التضييق على “التيك توكرز” يعكس رغبة رسمية في مواجهة المحتوى الذي يصفه الرأي العام بـ”التافه” أو “المنحرف ثقافيًا”، لكنهم يحذرون في الوقت ذاته من التوسع في استخدام قوانين فضفاضة قد تمس بحرية التعبير على الإنترنت.
هل يتجه تيك توك في مصر إلى مرحلة جديدة من الرقابة؟
مع تزايد عدد مشاهير تيك توك الذين تم القبض عليهم أو استدعاؤهم للتحقيق، بات من المرجح أن تشهد الفترة القادمة تشديدًا ملحوظًا في متابعة المحتوى المنشور على المنصات الرقمية، مع دعوات متصاعدة لتنظيم عمل صناع المحتوى وتسجيل دخولهم في منظومة الضرائب الرسمية، إلى جانب وضع ضوابط صارمة تحكم طبيعة المحتوى المقدم للجمهور.
وفي ظل غياب تعريف قانوني واضح لمفاهيم مثل “مخالفة القيم” أو “التحريض على الفسق”، يتوقع قانونيون أن تزداد حالات التوقيف أو المساءلة القانونية لصناع المحتوى الرقمي الذين لا يتقيدون بسلوك عام يراه المجتمع مقبولًا.